أرسل كسرى عشرة من حاشيته ومن أقرب المقربين إليه وأمهرهم خبرة، أرسلهم إلى
المدينة المنورة عاصمة الإسلام وأمرهم أن ينظروا كيف يعيش الناس وكيف
ولاؤهم لأمير المؤمنين عمر ماذا يقولون عنه وكيف يتعامل عمر مع رعيته ودخل
رجال كسرى المدينة المنورة و سألوا عن قصر الملك فأرشدهم الناس إلى المسجد
النبوي فذهبوا إلى المسجد يسألون عن قصر الملك فضحك أصحاب رسول الله وقال
لهم أحد الصحابة أترون ذاك البيت الطيني الذي عليه شعر ماعز هو بيت عمر لقد
وضع عليه شعر ماعز كي لا يقع من المطر نظر أصحاب كسرى بعضهم إلى بعض
وقالوا : أكلُ وقته يقضيه في هذا البيت ليس له غيره قالوا يعني الصحابة نعم
ليس له غيره فذهب أصاب كسرى وطرقوا الباب فخرج عبدالله بن عمر فسألوه عن
أبيه فقال:ربما تجدوه في نخل المدينة وخرج معهم إلى بستان لأبي أيوب
الأنصاري فوجد أمير المؤمنين عمر نائم تحت شجرة النخل فقال أترون هذا
النائم على ظهره، إنه عمر فاقترب منه أحدهم فرآه قد وضع نعله بدل الوسادة
وينام على الرمل ويده اليمنى على عينيه لتحميه من أشعة الشمس فقال لعبد
الله: هذا هو عمر بن الخطاب قال : نعم هو فقال صاحب كسرى : وهو ينظر إلى
عمر : عدلت فأمنت فنمت يا عمر
وراع صـاحـب أن رأى عـمراً ********** بين الرعية عطلا وهو راعيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا ****ببردة كاد طول العهد يبليها
فقال قولة حقٍ أصبحت مثلا *********وأصبح الجيل بعدالجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهموا********فنمت فيهم قرير العين هانيها
في آخر سنة من خلافة عمر بن الخطاب قال : لئن أحياني الله إلى العام القادم
سوف أذهب إلى كل بلد وأعيش فيه شهرين فإن الرعية لها حوائج يحجبها عني
الولاة سأعيش بينهم وأسمع شكواهم وفي اليوم التالي لهذا القرار جاءه رجل من
مصر يقول له إن والي مصر عمرو بن العاص يجلس بين الناس فيتكأ وهم حوله
جلوس وكان عمرو قد طعن في السن فأرسل عمر بن الخطاب محمد ابن مسلمة إلى عمر
بن العاص وقد حمله كتاباً يقول فيه من أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاص
هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس أمام أصابه متكأً ؟ ...إجلس بين
الناس كما كان رسول الله يجلس بين أصحابه، فلما فتح عمرو الكتاب وقرأ ما
فيه بكى وقال يرحم الله أمير المؤمنين وهو في المدينة يتحكم في كيفية جلوس
الولاة ثم بعث إلى أمير المؤمنين والذي نفسي بيده ما أفعلها كبرًا ولا
بطرًا لكنها السن يا أمير المؤمنين..